الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.في الرَّجُلِ يُكْرِي نِصْفَ دَارٍ أَوْ ثُلُثَهَا مُشَاعًا: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ أَوْ الدَّابَّةُ إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى نِصْفِهِمَا؟ قَالَ: يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَوْمًا وَلِلَّذِي لَهُ النِّصْفُ الْآخَرُ يَوْمًا وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. قُلْت: وَالدَّارُ؟ قَالَ: يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ نِصْفُ سُكْنَاهَا وَلِلْآخَرِ الَّذِي لَهُ النِّصْفُ نِصْفُ سُكْنَاهَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلَيْنِ يَتَكَارَيَانِ الدَّارَ فيرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يُكْرِيَ نَصِيبَهُ أَلِصَاحِبِهِ الشُّفْعَةُ؟ فَقَالَ: لَا وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كِرَاءَ نِصْفِ الدَّارِ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ وَأَرَى في الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ أَنَّ الْكِرَاءَ جَائِزٌ في النِّصْفِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيْعَ في نِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الدَّابَّةِ جَائِزٌ، فَإِذَا جَازَ الْبَيْعُ في نِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الدَّابَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ جَازَ الْكِرَاءُ في نِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ فيهِ الْبَيْعُ جَازَ فيهِ الْكِرَاءُ. قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحُدُّ لَهُ الثَّمَرَةَ بِنِصْفِهَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَبِيعَ مِنْ ثَمَرَتِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَسْتَأْجِرَ بِهِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ مَالِكًا قَدْ جَعَلَ كُلَّ مَا يَجُوزُ فيهِ الْبَيْعُ يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ بِهِ وَجَازَ أَنْ يُكْرِيَ. قَالَ سَحْنُونٌ: مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ. وَكُلُّ مَا يُوزَنُ وَيُكَالُ فَإِنَّ مَا يُوزَنُ وَيُكَالُ أَوْ يُعَدُّ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرَى. قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اكْتَرَى نِصْفَ دَارٍ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ نِصْفَ دَارٍ أَوْ سُدُسَ دَارٍ مُشَاعٌ غَيْرُ مَقْسُومٍ؟ قَالَ: هُوَ جَائِزٌ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلَيْنِ يَكْتَرِيَانِ دَارًا فيرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يُكْرِيَ نَصِيبَهُ مِنْهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ أَتَرَى لِشَرِيكِهِ فيهَا شُفْعَةً؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا عِنْدِي الْبَيْعَ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْكِرَاءَ في نِصْفِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْسُومٍ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ. .في الرَّجُلِ يُكْرِي دَارِهِ وَيَسْتَثْنِي رُبْعَهَا بِرُبْعِ الْكِرَاءِ أَوْ بِغَيْرِ كِرَاءٍ: قَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الدَّارَ وَيَسْتَثْنِي ثُلُثَيْهَا أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا أَنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ رُبْعَهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ بِأَصْلِ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يُنْظَرْ إلَى لَفْظِهِمَا. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ فيخْرُجُ مِنْهَا غَصْبًا: قَالَ: أَمَّا السُّلْطَانُ إذَا غَصَبَكَ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: - وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ - إنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُسَوِّدَةِ الَّذِينَ يَقْدَمُونَ بَعْضَ الْبُلْدَانِ فيخْرِجُونَ أَهْلَ الدُّورِ الَّذِينَ تَكَارَوْهَا يَسْكُنُونَهَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَابِ الدُّورِ، وَأَنَا أَرَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَالسُّلْطَانُ يُنْصِفُهُ لَوْ يُخَاصِمُهُ في ذَلِكَ فَأَقَامَ عَلَى الْغَصْبِ، وَلَمْ يَرْفَعْ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ لِيُنْصِفَهُ أَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُ، وَيَكُونُ قِيمَةُ كِرَاءِ الدَّارِ عَلَى الَّذِي غَصَبَهُ. وَيَكُونُ الْكِرَاءُ لَازِمًا لِصَاحِبِ الدَّارِ عَلَى الْمُكْتَرِي. .في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الدَّارَ بِسُكْنَى دَارِهِ: .(في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ أَوْ غَيْرِ مَوْصُوفٍ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا سَنَةً بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ أَوْ بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ وَلَمْ أَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا خَيْرَ في هَذَا إلَّا أَنْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا، وَهَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ هَذَا الْبَيْتَ شَهْرًا بِثَوْبٍ مَرْوِيٍّ وَلَمْ أَصِفْهُ أَيَجُوزُ هَذَا الْكِرَاءُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِنْ سَكَنَ؟ قَالَ: إنْ سَكَنَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الدَّارِ. .(في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فيتْلَفُ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْتُ دَارًا شَهْرًا بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ وَشَرَطْنَا النَّقْدَ في الثَّوْبِ، وَالثَّوْبُ في بَيْتِي وَوَصَفْتُهُ فَضَاعَ الثَّوْبُ بَعْدَ مَا سَكَنْتُ أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الدَّارِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ كِرَاءِ الدَّارِ في الْأَيَّامِ الَّتِي سَكَنَ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ قَدْ تَلِفَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُكَارِي قَدْ قَبَضَ الثَّوْبَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ مَا سَكَنَ الْمُتَكَارِي كَانَ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُتَكَارِي بِقِيمَةِ كِرَاءِ الدَّارِ لَا قِيمَةِ الثَّوْبِ وَلَا ثَوْبِ مِثْلِهِ قَالَ: وَهَذَا في الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَنْ آجَرَ دَارِهِ سَنَةً بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا سَكَنَ الْمُتَكَارِي نِصْفَ السَّنَةِ أَصَابَ رَبُّ الدَّارِ بِالثَّوْبِ عَيْبًا كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّهُ وَيُنْتَقَضَ الْكِرَاءُ فيمَا بَقِيَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ كِرَاءِ الدَّارِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ الَّتِي سَكَنَهَا. قُلْت: فَإِنْ قَالَ رَبُّ الدَّارِ: أَنَا أَقْبَلُ الثَّوْبَ وَأَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ في كِرَاءِ الدَّارِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مَعِيبًا أَوْ يَرُدَّهُ وَيَكُونَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ. قَالَ: وَأَرَى إنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي أَصَابَ الثَّوْبَ خَفيفًا لَيْسَ مِمَّا يُنْقِصُ ثَمَنَ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الرَّقِيقِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا إذَا كَانَ ذَلِكَ خَفيفًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا عِنْدَ النَّخَّاسِينَ إذَا لَمْ يُنْقِصْهُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهِ قَالَ مَالِكٌ: مِثْلُ الْكَيَّةِ وَالْأَثَرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُرِيدُ مِمَّا لَا يُنْقِصُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرْتُ دَارًا لِي بِثَوْبٍ فَفَاتَ الثَّوْبُ ثُمَّ عَلِمْتُ بِعَيْبٍ كَانَ في الثَّوْبِ أَوْ بِعْتُ الثَّوْبَ ثُمَّ عَلِمْتُ بِالْعَيْبِ؟ قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ في الْبُيُوعِ: إنَّهُ إنْ بَاعَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ؟ قَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ في الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ، وَأَنَا أَرَى اللُّبْسَ مِثْلَ الْهِبَةِ في الْبُيُوعِ فَمَسْأَلَتُكَ في الْكِرَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ قَدْرِ الْكِرَاءِ وَيُنْقَصُ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَيْبِ، وَأَنَا أَرَى اللُّبْسَ مِثْلَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فيمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا فَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ في الثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهُمَا وَهُوَ فَوْتٌ مِثْلُ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ دَارًا سَنَةً بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَاشْتَرَطْتُ النَّقْدَ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ؟ قَالَ: مَوْتُ الْعَبْدِ بَعْدَ وُجُوبِ الصَّفْقَةِ مِنْ الْمُكْرِي لِلدَّارِ وَالْمُتَكَارِي بَرِيءٌ مِنْ مُصِيبَتِهِ وَهَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ. .في كراء الدار مشاهرة: قَالَ: إنْ كُنْتَ شَرَطْتَ أَنَّ الْكِرَاءَ لَكَ لَازِمٌ فَلَكَ أَنْ تُكْرِيَ الْبَيْتَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ إذَا خَرَجْتَ أَوْ تَسْكُنَهُ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَازِمٌ لَكُمَا، وَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطَاهُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْكَ أَنَّكَ إنْ سَكَنْت يَوْمًا ثُمَّ خَرَجْت فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُكْرِيَ الْبَيْتَ، وَالْكِرَاءُ لَك لَازِمٌ فَلَا خَيْرَ في هَذِهِ الْإِجَارَةِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْت: أَتَكَارَى مِنْكَ هَذِهِ الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَيَكُونُ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنِّي كُلَّمَا سَكَنْتُ يَوْمًا بِحِسَابِ مَا يُصِيبُ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ الْكِرَاءِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرَطَا في الْكِرَاءِ شَيْئًا فيحْمَلَانِ عَلَى شَرْطِهِمَا. قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ في الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ دَارِهِ رَأْسَ الْهِلَالِ لِكُلِّ شَهْرٍ دِينَارٌ فَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا. قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّ الْإِجَارَةَ تَتِمُّ لَهُ إذَا هَلَّ الْهِلَالُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ فَالْإِجَارَةُ تَتِمُّ لَهُ بِاسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَى الرَّجُلُ حَانُوتًا كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ في كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ في كُلِّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَخْرُجُ الْمُتَكَارِي مَتَى شَاءَ وَيُخْرِجُهُ رَبُّ الدَّارِ مَتَى شَاءَ؟ قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَتَكَارَى شَهْرًا بِعَيْنِهِ يَقُولُ: أَتَكَارَى مِنْكَ هَذَا الشَّهْرَ بِعَيْنِهِ أَوْ يَتَكَارَى سَنَةً بِعَيْنِهَا يَقُولُ: أَتَكَارَى مِنْكَ هَذِهِ السَّنَةَ فَهَذَا يَلْزَمُهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ: أَتَكَارَى مِنْكَ حَانُوتَكَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فيسْكُنُ يَوْمًا لِمَ لَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ هَذَا الشَّهْرِ؟ قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ في كُلِّ شَهْرٍ، وَكُلُّ شَهْرٍ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَالسِّنِينَ وَلَا أَمَدَ لَهُ يُنْتَهَى إلَيْهِ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْكِرَاءُ عَلَى أَيَّامٍ بِأَعْيَانِهَا وَلَا عَلَى شُهُورٍ، وَلَا عَلَى سِنِينَ بِأَعْيَانِهَا، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْكِرَاءُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ كَانَ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى مَا أَحَبَّ وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ قَدْرُ مَا سَكَنَ، وَكَذَلِكَ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى مَا أَحَبَّ. وَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا جَمِيعًا بِفَسْخِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ مَعْلُومٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى شَهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ فَقَدْ اشْتَرَى مِنْهُ سُكْنَى هَذَا الشَّهْرِ أَوْ هَذِهِ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي مِنْ الرَّجُلِ دَارِهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ يَمُوتُ الَّذِي أَكْرَى وَيَبْقَى الْمُسْتَكْرِي؟ قَالَ: إنْ تُوُفي سَيِّدُ الْمَسْكَنِ فَأَرَادَ أَهْلُهُ إخْرَاجَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ أَوْ بَيْعَهُ فَلَا أَرَى أَنْ يُخْرِجُوهُ إلَّا بِرِضًا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ إنْ شَاءُوا بَاعُوا مَسْكَنَهُمْ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فيهِ عَلَى حَقِّهِ وَشَرْطِهِ في إجَارَتِهِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنْ تُوُفي الْمُسْتَأْجِرُ سَكَنَ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْهُ فَإِنَّا نَرَى أَجْرَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ فيمَا تَرَكَ مِنْ الْمَالِ تُؤَدِّيهِ الْوَرَثَةُ بِحِصَصِهِمْ. .في اكْتِرَاءِ الدَّارِ سَنَةً أَوْ سِنِينَ: قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ وَيُسْكِنَ ذَلِكَ مَنْ شَاءَ مَا لَمْ يَجِئْ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى رَبِّ الدَّارِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَجَرْت دَارًا سَنَةً بَعْدَ مَا مَضَى عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ كَيْفَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ، وَكَيْفَ تُحْسَبُ الشُّهُورُ أَبِالْأَهِلَّةِ أَمْ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ؟ قَالَ: تُحْسَبُ هَذِهِ الْأَيَّامُ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُ ثُمَّ يُحْسَبُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ يُكْمِلُ مَعَ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الدَّارَ فيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فيكُونُ شَهْرًا وَاحِدًا مِنْ إجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى الْأَيَّامِ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا عَلَى الشُّهُورِ. قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ: عَلَى عَدَدِ النِّسَاءِ في الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةً وَهُوَ في بَعْضِ الشَّهْرِ حِينَ حَلَفَ قَالَ مَالِكٌ في هَذَا مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ في مَسْأَلَتِكَ في الْكِرَاءِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ دَارًا لِي ثَلَاثَ سِنِينَ فَمَنَعْتهَا مِنْ الْمُكْتَرِي سَنَةً ثُمَّ خَاصَمَنِي بَعْدَ السَّنَةِ فَقُضِيَ لَهُ بِالْكِرَاءِ فَبِكَمْ يُقْضَى لَهُ؟ قَالَ: سَنَتَيْنِ وَيَسْقُطُ سَنَةً. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الثَّلَاثَ سِنِينَ قَدْ مَضَتْ مِنْهَا سَنَةٌ وَبَقِيَ مِنْهَا سَنَتَانِ وَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ أَجْرُ سَنَتَيْنِ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ فيمْرَضُ أَوْ يَأْبِقُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَا بَطَل الْأَجِيرُ في حَالِ مَرَضِهِ أَوْ في حَالِ إبَاقِهِ فَكَذَلِكَ الَّذِي سَأَلْتَ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ إذَا مَنَعَهَا رَبُّهَا. قُلْت: فَإِنْ اكْتَرَيْتُ دَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ أَبَيْتُ أَنْ أَسْكُنَهَا سَنَةً، وَقَدْ أَمْكَنَنِي مِنْهَا رَبُّهَا فَأَبَيْتُ أَنْ آخُذَهَا؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ سَاكِنًا في الدَّارِ أَوْ غَيْرُهُ سَاكِنًا فيهَا مِمَّنْ أَسْكَنَهُ رَبُّ الدَّارِ وَخَلَّى رَبُّ الدَّارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ السِّنِينَ كُلِّهَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَحْفَظُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ في الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ إذَا أَكْرَاهُ إبِلَهُ أَوْ دَوَابَّهُ فَأَتَاهُ بِالْإِبِلِ أَوْ الدَّوَابِّ لِيَرْكَبَ فَأَبَى أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَامِلًا فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ في الدَّارِ أَيْضًا. .في الرَّجُلِ يُكْرِي دَارِهِ ثُمَّ يَسْكُنُ طَائِفَةً مِنْهَا: وَقَالَ الْمُتَكَارِي: أُعْطِيكَ حِصَّةَ هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنَا فيهِ وَأَحْسَبُ عَلَيْكَ حِصَّةَ مَا أَنْتَ فيهِ قَالَ: ذَلِكَ لَهُ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَكَنَ طَائِفَةً مِنْ دَارِي بِغَيْرِ أَمْرِي، وَأَنَا في الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى قَدْ عَلِمْتُ بِهِ فَلَمْ أُخْرِجْهُ وَلَمْ أَكْرِهِ فَلَمَّا مَضَى شَهْرٌ أَوْ سَنَةٌ طَلَبْتُ مِنْهُ الْكِرَاءَ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ. قُلْت: وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِهِ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِهِ. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ ثُمَّ يُكْرِيهَا غَيْرَهُ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ قَصَّارًا أَكْرَانِي حَانُوتًا لِلْقَصَّارَةِ فَأَكْرَاهُ مِنْ حَدَّادٍ أَوْ طَحَّانٍ أَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: إذَا كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَرَرٍ عَلَى الْبُنْيَانِ أَوْ تَكُونُ الْمَضَرَّةُ في الْبُنْيَانِ مِثْلَ مَضَرَّةِ الْقَصَّارِ في دَقِّهِ وَعَمَلِهِ فَكِرَاؤُهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ ضَرَرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِ الْقَصَّارِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَيُونُسُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الدَّارَ ثُمَّ يُؤَاجِرُهَا بِأَفْضَلَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَنَافِعٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: بَعْضُهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ. .في الدَّابَّةِ وَالسَّفينَةِ: .في التَّعَدِّي في كِرَاءِ الدُّورِ: قَالَ: أَرَاهُمْ ضَامِنِينَ إذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ دَارًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَأَكْرَاهَا الَّذِي اكْتَرَاهَا مِنِّي مِنْ غَيْرِهِ فَهَدَمَهَا الْمُتَكَارِي الثَّانِي أَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ عَلَى الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ ضَمَانُ مَا هَدَمَ هَذَا الثَّانِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَدْ جَوَّزَ مَالِكٌ لِهَذَا الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يُكْرِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَرَهُ إذَا أَكْرَى مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَدِّيًا فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَا أَرَى لِرَبِّ الدَّارِ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَرَى الضَّمَانَ عَلَى الْهَادِمِ الْمُتَكَارِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَدِّي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت دَارًا فَرَبَطْتُ دَابَّتِي في الدَّارِ فَرَمَحَتْ فَكَسَرَتْ حَائِطَ الدَّارِ أَوْ رَمَحَتْ فَقَتَلَتْ ابْنَ صَاحِبِ الدَّارِ وَهُوَ مَعِي في الدَّارِ سَاكِنٌ أَيَكُونُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ في قَوْلِ مَالِكٍ. قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَأْتِي الْحَانُوتَ لِيَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ فينْزِلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُوقِفَهَا في الطَّرِيقِ لِيَشْتَرِيَ حَاجَةً مِنْ الْحَانُوتِ فَتُصِيبَ إنْسَانًا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فَلَمَّا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ كَانَ مَا أَصَابَتْ الْعَجْمَاءُ جُبَارًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي رَبَطَ دَابَّتَهُ في الدَّارِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ عِنْدَ بَابِ الْأَمِيرِ وَبَابِ الْمَسْجِدِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَى دَارًا فَاِتَّخَذَ في الدَّارِ تَنُّورًا فَاحْتَرَقَ مِنْ ذَلِكَ التَّنُّورِ الدَّارُ وَبُيُوتُ الْجِيرَانِ أَيَكُونُ عَلَى الْمُتَكَارِي ضَمَانُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إذَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ فيرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ فيهَا مَا أَحَبَّ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: قَالَ: نَعَمْ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بِالدَّارِ أَوْ تَكُونُ دَارًا لَا يُنْصَبُ ذَلِكَ في مِثْلِهَا لِحُسْنِهَا وَلِارْتِفَاعِ بُنْيَانِهَا وَشَأْنِهَا عِنْدَ النَّاسِ تَكُونُ مُبَلَّطَةً مُجَصَّصَةً فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُدْخِلَ في ذَلِكَ إلَّا مَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ إذَا اُكْتُرِيَتْ يَدْخُلُ فيهَا الَّذِي أَدْخَلَهُ هَذَا الْمُتَكَارِي فَأَمْرُ الدُّورِ عَلَى مَا يَعْرِفُ النَّاسُ فَمَا كَانَ مِنْهُ ضَرَرٌ عَلَى الدَّارِ مُنِعَ الْمُتَكَارِي. وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ ضَرَرٌ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لِلْمُتَكَارِي. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ بَيْتِي مِنْ رَجُلٍ وَشَرَطْتُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسْكِنَ مَعَهُ أَحَدًا فَتَزَوَّجَ وَاشْتَرَى رَقِيقًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهُمْ مَعَهُ إذَا أَبَى عَلَيْهِ رَبُّ الْبَيْتِ ذَلِكَ؟ قَالَ: يُنْظَرُ في ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ في سُكْنَى هَؤُلَاءِ مَعَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ في ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ ضَرَرٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ يُكْرِي الرَّجُلَ الْغُرْفَةَ وَحْدَهُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا مَعَهُ أَحَدٌ لِضَعْفِ خُشُبِهِ الَّتِي تَحْتَ الْغُرْفَةِ فَإِنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ خَشِيَ رَبُّ الْغُرْفَةِ أَنْ تَنْهَدِمَ الْغُرْفَةُ فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ يُنْظَرُ في ذَلِكَ. .في الرَّجُلِ يُكْرِي دَارِهِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: قَالَ: نَعَمْ مَا لَمْ يُكْرِهَا عَلَى أَنْ يَبِيعَ فيهَا الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْكِرَاءُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ فَجَعَلَ النَّصْرَانِيُّ يَبِيعُ فيهَا الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ؟ قَالَ: الْكِرَاءُ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُهُ رَبُّ الدَّارِ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في الْقُرَى وَالْمَدَائِنِ سَوَاءٌ في كِرَاءِ الدُّورِ مِنْ النَّصَارَى؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ؟ أَكْرَهُ أَنْ يُكْرِي الرَّجُلُ حَانُوتَهُ مِمَّنْ يَبِيعُ فيهِ الْخَمْرَ أَوْ دَابَّتَهُ مِمَّنْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْخَمْرَ أَوْ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْخَمْرَ، فَالدُّورُ في الْقُرَى مِثْلُ هَذَا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَبِيعُ فيهَا الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ أَوْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فيهَا الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ. قُلْت: فَإِنْ أَكْرَاهَا مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فيهَا الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ أَيَجُوزُ الْكِرَاءُ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ بَيْعِ ذَلِكَ في دَارِهِ أَوْ حَمْلٍ عَلَى دَابَّتِهِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ في هَذَا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً. قُلْت: فَإِنْ كَانَ أَكْرَاهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ فَأَكْرَاهُ دَابَّتَهُ أَوْ دَارِهِ فَأَرَادَ النَّصْرَانِيُّ أَنْ يَبِيعَ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ في دَارِهِ أَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ دَارِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ النَّصَارَى فَاِتَّخَذَ فيهَا كَنِيسَةً يُصَلِّي فيهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: لَكَ أَنْ تَمْنَعَهُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ في دَارِي بِالنَّوَاقِيسِ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. .في امْرَأَةٍ اكْتَرَتْ دَارًا فَسَكَنَتْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فيهَا عَلَى مَنْ الْكِرَاءُ: قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ بَيَّنَتْ لِزَوْجِهَا فَقَالَتْ: إنِّي بِكِرَاءٍ فَإِنْ شِئْتَ فَأَدِّ، وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ؟ قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهِيَ في دَارِهَا ثُمَّ طَلَبَتْ الْكِرَاءَ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا كِرَاءَ لَهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا اكْتَرَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ أَقَلَّ. .في اكْتِرَاءِ الدَّارِ الْغَائِبَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تَشْتَرِيَ دَارًا بِإِفْرِيقِيَّةَ وَأَنْتَ بِمِصْرَ، فَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ وَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ في ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لِأَنَّ الدَّارَ مَأْمُونَةٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اكْتَرَى دَارًا بِمِصْرَ فَلَمَّا قَدِمَ مِصْرَ نَظَرَ إلَيْهَا فَقَالَ: هَذِهِ حَاشِيَةٌ وَهَذِهِ بَعِيدَةٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا أَرْضَاهَا؟ قَالَ: الْكِرَاءُ لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى الدَّارَ وَعَرَفَ مَوْضِعَهَا أَوْ عَلَى صِفَةِ الدَّارِ وَمَوْضِعِهَا وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ بَاطِلٌ اكْتِرَاءِ الدَّارِ تُسْكَنُ إلَى أَجَلٍ، وَالنَّقْدُ في ذَلِكَ. .في اكتراء الدار تسكن إلى أجل والنقد في ذلك: قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ نَقَدْتَ. قُلْت: وَالدَّارُ وَالْأَرَضُونَ الْمَأْمُونَةُ تُخَالِفُ لِلْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ في الْكِرَاءِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ الدُّورِ يَقْبِضُ إلَى سَنَةٍ وَالنَّقْدُ فيهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ فَإِنْ بَعُدَ الْأَجَلُ لَمْ يَكُنْ بِالْكِرَاءِ بَأْسٌ وَلَا أُحِبُّ النَّقْدَ فيهِ. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ وَلَا يُسَمِّي النَّقْدَ، وَالنَّقْدُ في الْبَلَدِ مُخْتَلِفٌ: قَالَ: يُنْظَرُ إلَى النَّقْدِ في الْكِرَاءِ عِنْدَهُمْ فيحْمِلُونَ عَلَى ذَلِكَ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ في ذَلِكَ الْبَلَدِ في الْكِرَاءِ مُخْتَلِفًا؟ قَالَ: أَرَاهُ كِرَاءً فَاسِدًا وَأَرَى أَنْ يُعْطِيَ كِرَاءَ مِثْلِهَا فيمَا سَكَنَ وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا فيمَا بَقِيَ. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ وَيَشْتَرِطُ النَّقْدَ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، وَفي الْغُلَامِ أَيْضًا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الدَّارِ تُكْتَرَى الْعَشْرَ سِنِينَ وَالْجَارِيَةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ يُكْتَرُونَ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْكِرَاءَ في هَذَا كُلِّهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ في الْعَبِيدِ: لَا يُؤَجَّرُونَ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فيهِمْ خَطَرٌ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ. .في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ سَنَةً مَتَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ: قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِي: إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ دَفَعَ إلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اكْتَرَى مِمَّا سَكَنَ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ كِرَاءُ الدُّورِ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّقْدِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في كِرَاءِ الدُّورِ في هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ لِي في الْإِبِلِ: يَحْمِلُونَ عَلَى كِرَاءِ النَّاسِ عِنْدَهُمْ إنْ كَانَ عَلَى النَّقْدِ فَعَلَى النَّقْدِ فَأَرَى في الدُّورِ أَيْضًا إنْ كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ كِرَاؤُهُمْ الدُّورَ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّقْدِ أُجْبِرَ هَذَا الْمُتَكَارِي عَلَى النَّقْدِ. .في إلْزَامِ الْمُتَكَارِي الْكِرَاءَ: قَالَ: لَا. قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِثْلَهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَجَرْت دَارِيَ مَنْ رَجُلٍ فَظَهَرَتْ مِنْهُ دَعَارَةٌ وَفِسْقٌ وَشُرْبُ الْخُمُورِ أَيَكُونُ لِي أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْ دَارِي وَأَنْقُضُ الْإِجَارَةَ؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا لَا تُنْتَقَضُ، وَلَكِنَّ السُّلْطَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْ الْجِيرَانِ وَعَنْ رَبِّ الدَّارِ، فَإِنْ رَأَى السُّلْطَانُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُمْ أَخْرَجَهُ عَنْهُمْ وَأَكْرَى لَهُ الدَّارَ فَأَمَّا كِرَاءُ رَبِّ الدَّارِ فَهُوَ عَلَيْهِ لَا يُنْتَقَضُ عَلَى حَالٍ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. وَالْقَصَّارُونَ إذَا اتَّخَذُوا في دُورِهِمْ مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ شُرْبِهِمْ الْخُمُورَ وَاِتِّخَاذِهِمْ فيهَا الْخَنَازِيرَ مَنَعَهُمْ السُّلْطَانُ وَلَمْ تُنْتَقَضْ الْإِجَارَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَصَّارًا وَحَدَّادًا اكْتَرَيَا حَانُوتًا فيمَا بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَقَعْ كِرَاؤُهُمَا عَلَى أَنَّ لِهَذَا مُقَدَّمَ الْحَانُوتِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ وَصَاحِبِهِ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ لَهُ مَوْضِعٌ مِنْ الْحَانُوتِ في عُقْدَةِ الْكِرَاءِ وَاشْتَجَرَا فيمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ هَذَا: أَنَا أَكُونُ في مُقَدَّمِ الْحَانُوتِ، وَقَالَ هَذَا: بَلْ أَنَا؟ قَالَ: الْكِرَاءُ لَهُمَا لَازِمٌ وَيَقْسِمَانِ الْحَانُوتَ فيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُ الْقِسْمَ فَأَرَى مِنْ رَأْيِي أَنْ يُكْرَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهَذَا مِنْ الضَّرَرِ، وَقَدْ لَزِمَهُمَا الْحَانُوتُ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ يَكْتَرِيَانِ الْبَيْتَ يَسْكُنَاهُ فيمَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. .في فَسْخِ الْكِرَاءِ وَهَطْلِ الْبَيْتِ وَهَدْمِهِ: قَالَ: إنْ طَيَّنَهُ رَبُّ الْبَيْتِ فَالْكِرَاءُ لَكَ لَازِمٌ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَيِّنَهُ كَانَ لَكَ أَنْ تَخْرُجَ إذَا كَانَ هَطْلُهُ ضَرَرًا بَيِّنًا وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى أَنْ يُطَيِّنَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ. قَالَ سَحْنُونٌ: التَّطْيِينُ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ مِمَّا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ. قُلْت: وَيَكُون لِلْمُتَكَارِي أَنْ يُطَيِّنَهُ مِنْ كِرَائِهِ وَيَسْكُنَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا فَسَقَطَ مِنْهَا حَائِطٌ أَوْ بَيْتٌ أَوْ سَقَطَتْ الدَّارُ كُلُّهَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: أَنَا أَبْنٍ مَا سَقَطَ مِنْهَا أَوْ لَا أَبْنِيهَا وَاَلَّذِي سَقَطَ مِنْ الْحَائِطِ قَدْ كَشَفَ عَنْ الدَّارِ أَيَكُونُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَنْ يَبْنِيَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَنْ يَبْنِيَهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ انْكَشَفَ مِنْ الدَّارِ مَا يَكُونُ ضَرَرًا عَلَى الْمُتَكَارِي قِيلَ لِلْمُتَكَارِي: إنْ شِئْتَ فَاسْكُنْ وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ وَلَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَنَاهَا رَبُّ الدَّارِ في بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْكِرَاءِ، وَقَدْ كَانَ الْمُتَكَارِي خَرَجَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِاسْتِتْمَامِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ مَا انْهَدَمَ مِنْهَا مَا لَا يَضُرُّ بِسُكْنَى الْمُتَكَارِي فيهَا وَلَمْ يَبْنِ ذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ لَزِمَ الْمُتَكَارِي أَنْ يَسْكُنَ وَلَمْ يَكُنْ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْهَا وَلَا يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ لَهُ في ذَلِكَ سُكْنَى وَمِرْفَقٌ فيوضَعُ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ قَدْرُ ذَلِكَ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ قَدْ اكْتَرَى الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ فَلَمَّا سَكَنَ شَهْرًا وَاحِدًا تَهَدَّمَتْ الدَّارُ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَهَا مِنْ كِرَاءِ هَذِهِ التِّسْعِ سِنِينَ وَالْأَحَدَ عَشْرَ شَهْرًا الَّتِي بَقِيَتْ وَإِنْ اغْتَرَقَ بِنَاءُ الدَّارِ الْكِرَاءَ كُلَّهُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: إنْ شِئْتَ فَاسْكُنْ وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقَدْ زَرَعَ فيهَا فَتَغُورُ عَيْنُهَا، وَيَأْبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا قَالَ: لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَعْمَلَ في الْعَيْنِ بِكِرَاءِ سَنَتِهِ تِلْكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَا عَمِلَ في الْعَيْنِ بِكِرَاءِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَذَلِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الَّذِي أَكْرَاهَا - لَازِمٌ، وَإِنْ زَادَ عَلَى كِرَاءِ سَنَةٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ في ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الدُّورُ. قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْمُعَامَلَةُ في الشَّجَرِ إذَا سَاقَاهُ سِنِينَ مُسَمَّاةً فَاسْتَغَارَ مَاؤُهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَاقِي أَنْ يُنْفِقَ فيهَا إلَّا قَدْرَ مَا يُصِيبُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَرَةِ سَنَتَهُ تِلْكَ. وَقَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ فيغُورُ مَاؤُهَا أَوْ تَنْهَدِمُ بِئْرُهَا فيأْبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا: إنَّ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ كِرَاءِ سَنَتِهِ هَذِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ كَرِهَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي اكْتَرَيْت بَيْتٌ أَكَانَ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَبْنِيَهُ مِنْ كِرَاءِ السَّنَةِ كَمَا وَصَفْتَ لِي؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِنْ انْهَدَمَ مِنْهَا شُرَافَاتُ الدَّارِ؟ قَالَ: شُرَافَاتُ الدَّارِ لَيْسَ مِمَّا يَضُرُّ بِسُكْنَى الْمُتَكَارِي فَلَا أَرَى أَنْ يُنْفِقَ الْمُتَكَارِي عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا فَإِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَقَطَتْ الدَّارُ أَوْ حَائِطٌ مِنْهَا فَانْكَشَفَتْ الدَّارُ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَا أَبْنِيهَا، وَقَالَ الْمُتَكَارِي: وَأَنَا أَيْضًا لَا أَبْنِيهَا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُنَاقِضَهُ الْإِجَارَةَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا فَرْقٌ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ يَغُورُ مَاؤُهَا وَبَيْنَ الدَّارِ تَنْهَدِمُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فيهَا زَرْعُ الدَّاخِلِ وَفي نَفَقَتِهَا إحْيَاءٌ لِزَرْعِهِ وَمَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ في الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَنْفَقَ فيهَا مَالَهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ الثَّمَرُ وَأُمِرَ بِالنَّفَقَةِ، وَإِنَّ الدَّارَ لَيْسَ لِلْمُكْتَرِي فيهَا نَفَقَةٌ وَلَيْسَ يَرُدُّ السَّاكِنُ بِهِ مَنْفَعَةً عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ إلَّا ضَرَرًا عَلَيْهِ في نَفَقَتِهِ وَحَبَسَ دَارِهِ عَنْ أَسْوَاقِهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ الَّتِي فيهَا الزَّرْعُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ انْهَدَمَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُنْفِقَ فيهِ كِرَاءَ سُنَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَمَرَ مَالِكٌ فيهِ بِالنَّفَقَةِ إذَا زَرَعَ وَسَقَى الْمُسَاقِي فَهَذَا وَجْهُ مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ، وَبَلَغَنِي عَنْهُ كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ. قَالَ سَحْنُونٌ: جَمِيعُ الرُّوَاةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمَا فيهِ اخْتِلَافًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَقَطَتْ الدَّارُ وَاَلَّذِي أَكْرَاهَا غَائِبٌ كَيْفَ يَصْنَعُ هَذَا الَّذِي اكْتَرَى؟ قَالَ: يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت دَارًا هَلْ يَنْقُضُ الْكِرَاءَ فيهَا شَيْءٌ مِنْ غَرَرٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَنْهَدِمَ الدَّارُ أَوْ يَنْهَدِمَ مِنْهَا مَا يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ فيكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتْرُكَهَا إنْ أَحَبَّ فَإِنْ بَنَاهَا صَاحِبُهَا في بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُتَكَارِي كِرَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ دَارًا اسْتَأْجَرْتهَا فَخِفْتُ أَنْ تَسْقُطَ عَلَيَّ أَيَكُونُ لِي أَنْ أُنَاقِضَهُ الْكِرَاءَ؟ قَالَ: إذَا كَانَ الْبُنْيَانُ مَخُوفًا فَلَكَ أَنْ تُنَاقِضَهُ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
|